Pl]
لالزواج المبكر وعمالة الأطفال
في نظام سرمدي , فرخت حمامة على ظهر نخله باسقة ،وبعد أن بدأت الصغار تكبر لاحظت الأم جرذان تحفر في أصل النخلة ،وأدركت أن في هذا خطرا يهدد حياة صغارها في حال انهيار النخلة فالفرخ ما زالت صغيرة لا تقوى بعد على الطيران .
أذن لابد من تعليمها تلك المهارة .وباشرت الأم تلك المهمة الصعبة وكانت تضطر إلى استعمال العنف والقسوة أحيانا لتجبر الصغار على القيام بهذا العمل , رغم أنها لا زالت صغيرة ,والوقت لا يزال مبكرا نعم مبكرا جدا
وبعد أيام قلائل ,أصبحت الصغار تقوم بمحاولات بسيطة بعد أن أدركت أنها أمام خيارين لا ثالث لهما أما المجازفة والقيام بتلك المحاولة التي تنطوي على كثير من المخاطر والأهوال ,أو البقاء على ظهر تلك النخلة حتى تنهار وعندها ستكون فريسة سهلة للوحوش التي تملأ المكان
وفي المحاولة الأولى لأحدها …… أغمض عينيه …… رفرف بجناحيه ……وأخذ يرتفع شيئا فشيئا وينأى عن عشه الحنون , وفي لحظه فقد توازنه فوجد نفسه يهوي في جبل عميق واستقر به القرار هناك بين مخلوقات غريبة تحيط به وتطبق عليه
يا للهول! ما هذا ؟! هل هو كابوس ؟بل حقيقة مره لا يمكن إنكارها أو الهروب منها ,حدق في تلك المخلوقات , وللوهلة الأولى ظن أن تلك الأنياب الحادة ,والمخالب الجارحة ,ستنغرس في جسمه الصغير لتمزقه أربا ,لتنتهي قصة حياته التي لم تبدأ بعد.وكم كان خائفا من هذا المصير ويتمنى لو تطول حياته ولو بضع سويعات أخريات . ولكنها كانت أخبث مما تصور, وبدأ يشك في هذا المصير,عندما رأى تلك النظرات الواثقة العميقة ,التي تكاد تخنقه فكر ترى ماذا يريدون منه؟
هل تريدون معرفة مصير ذلك العصفور المسكين ؟هل ترغبون في مساعدته؟ أتريدون مشاهدته عيانا؟ من أراد ذلك فلينظر إلى طفل انتزع من مدرسته والقي في زحمة الحياة القاسية يتوسل إلى هذا,ويتملق إلى ذاك لعله يستطيع تحصيل قوت يومه ,هذا في أحسن الأحوال وفي حالات أخرى ربما تجده يترنح في سوق النخاسة والعمل الأسود يعزز طبقات المجتمع السفلى ويمارس الموبقات السبع
من أراد أن يعرف مصير ذلك العصفور فلينظر إلى فتاة حرمت حقها في التعليم لتجد نفسها أما ولما تعرف معنى الأمومة الحقة بعد تتذبذب بين حاجتها هي إلى الرعاية والحنان وحاجة أبنائها إلى ذلك سيما في هذا العصر الذي يشهد من التطورات السريعة ما يتطلب من المؤهلات ما لا حدود له وطبعا فاقد الشيء لا يعطيه فتنعكس أزمتها النفسية على تربيتها لجيل المستقبل حيث نجد الفوضى والتسلط وانعدام الأخلاقية والمنطقية
ولذلك فان ما يحزن حقا,وما يثير القلق فعلا,هو أن ترى طفلا يحمل حقيبته ويركض مبتعدا عن مدرسته...أن هذا الطفل لا يريد منك أن تلقي في يده كسرة خبز,أو قطعة نقدية لا...لا أن ما يريده هو أن تبحث قضيته,وتحل مشكلته,نعم علينا أن نبحث الأسباب والحلول...
على من تقع مسؤولية هذا الواقع المأساوي؟هل هي مسؤولية قوانين التربية والتعليم التي تتهاون في قضية التسرب من المدارس وتتغاضى عنه؟أم هي مسؤولية أولياء الأمور؟أم هم المدرسون الذين يدفعون بالطلاب _ولو بشكل غير مباشر_خارج أسوار المدرسة؟أعتقد أنها مسؤولية المجتمع بأكمله ونتائجها تعم المجتمع كله إيجابا أو سلبا .
إننا كل في موقعه بالعمل على القضاء على هذه الآفات, التي باتت تفتك في عضد الأمة,وتنخر في عظمها,فهل من مغيث ؟؟؟